قصة الفتاة التي هزت تركيا تتحول الى فيلم سينمائي

رحاب ضاهر
رحاب ضاهر

تحظى في تركيا الأعمال الدرامية الماخوذة من قصص حقيقية بشعبية واسعة، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالاغتصاب والقتل. وغزا الدراما التركية مؤخراً كثير من الأعمال التي تناولت قصصاً واقعية لنساء تعرضن للاغتصاب والقتل وانتقاد الأحكام التخفيفية التي تصدر بحق الجناة، وكان أبرزها منذ سنتين مسلسل “البراءة” الذي أخذ من قصة حقيقية، لجريمة هزت تركيا عام 2009، عندما قتل جيم غاريب أوغلو، وهو ابن عائلة ثرية ومعروفة في تركيا، حبيبته مونور المراهقة البالغة من العمر 17 عاماً، وقطع رأسها بالمنشار، ورماها في القمامة. وخلال التحقيق في القضية استخدمت عائلة جيم نفوذها، فحاولت أن تتلاعب بعينات الجريمة ودلائلها، وحكم على مجموعة من العاملين في المشرحة، بتهمه التواطؤ مع الجاني وقُبض على والديه، وبعض أصدقائه بتهمة التستر على الجاني، وحكم على والدته بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة إتلاف الأدلة، ومحاولة طمس الجريمة للتغطية على ابنها القاتل. وتحولت القضية الى رأي عام وسببت غضباً شعبياً بسبب التأخر في القبض على القاتل، إذ بقي فارّاً ستة أشهر، ووجهت اتهامات الى السلطات بالتقاعس، لأن الجاني من أسرة ثرية ونافدة، وتسبب أيضاً الحكم بالاستياء، إذ إن البعض طالب بالإعدام، وليس السجن 24 سنة. وتم حينها تغيير رئيس الشرطة الذي صرح بأن عائلة الضحية لو كانت ربّتها بصورة جيدة لما كانت الجريمة لتقع. أما الجاني فقد حكم بعد ست سنوات بالسجن 24 سنة، وانتحر في السجن.

ويبدو أن السينما التركية تسير على خطى الدراما في طرح قضايا الاغتصاب والقتل والعنف ضد المرأة، فقد أعلنت المخرجة التركية سيشيل شلبي التحضير لفيلم سينمائي سيحكي قصة الفتاة أوزجي جان أصلان التي قتلت بطريقة وحشية عام 2015. هذه الحادثة التي هزت تركيا وسببت احتجاجات في أنحاء البلاد.

أوزجي البالغة من العمر 19 عاماً وهي طالبة جامعية كانت ركبت الحافلة لتذهب الى مرسين، لكن السائق أبقاها في الحافلة الى النهاية، بعد انزاله جميع الركاب وأخذها إلى الغابة لاغتصابها، وعندما قاومته قام بطعنها عدة طعنات وقتلها، ثم ضربها بعصا حديدية مرات على رأسها، وأحرق جثتها وقطع جسدها إلى عدة أجزاء. وتم اعتقال الجاني وحكم عليه بالمؤبد.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحول فيها قصة أوزجي الى عمل درامي، فقد سبق أن قدمت في مسلسل “حيوات مسروقة” ومسلسل “بدون حكم”، ولكن هذه المرة الفيلم من إنتاج محمد أصلان والد أوزجي الذي سيروي ما عاشته الضحية قبل مقتلها وبعده، وكيف أسهمت هذه الوحشية في رفع مستوى الوعي حول العنف ضد المرأة. ومن المتوقع أن يصدر الفيلم في العام 2024.

هذا العمل السينمائي يأتي بعد مرور أكثر من عام على تقديم فيلم “بيرجن” الذي يحكي قصة المغنية الراحلة بيرجن الملقبة بـ “امرأة الأحزان”، والتي قُتلت على يد زوجها. ودخل الفيلم تاريخ السينما التركية، اذ حقق أرقاماً قياسية؛ ووصلت المشاهدات عليه الى ملايين المتفرجين بعد أسبوعين من طرحه في دور السينما في اَذار من العام 2022.

الفيلم رافقته ضجة كبيرة بسبب تعرض بطلته الممثلة فرح زينب عبد الله لتهديدات بالقتل من زوج المغنية، وتم إلغاء عرضه في مدينة كوزان بأضنة التركية؛ حيث يعيش الزوج القاتل.

زوج بيرجن قام بإلقاء حمض النيتريك على وجهها، ما أدى إلى العمى في عينها اليمنى، وبعدها قتلها رمياً بالرصاص خلال غنائها على المسرح في آب عام 1989 ودخل السجن لمدة قصيرة ثم خرج. وجاء عرض الفيلم في وقت يتزايد فيه العنف ضد المراة وكان بمثابة رسالة لنبذ العنف ومحاربته، ومنع التعرض للنساء تحت أي مسمى، لكي لا تتكرر مأساة بيرجن من جديد.

شارك المقال